نبيل عوض الجبزي: معلم اللغة العربية الذي بنى جسرا ثقافيا بين الشرق والغرب

فتحي أبو النصر :

لا يزال اسم نبيل عوض الجبزي يتردد، في وجداني مثل نغمة خالدة في أنغام الزمن، يذكرني برجل لم يكن مجرد معلم لغة عربية، بل كان جسرا ثقافيا يعبر عليه الفهم العميق والتبادل الحضاري بين الشرق والغرب.

يمني الأصل، بريطاني الهوى، اختار أن يعبر بلغة الضاد بين ردهات الدبلوماسية البريطانية، ويقدم لها ليس مجرد دروس في المفردات العربية، بل دروسا في فهم الروح العربية وثقافتها المعقدة.

 

وهو، من بيئة تربطها الروابط العميقة بالعروبة والإسلام. ولكنه لم يقتصر على الاستفادة من هذه الجذور العميقة في بناء شخصيته، بل اختار أن يغرس هذه الثقافة في عقول وقلوب الدبلوماسيين البريطانيين الذين كان يتعامل معهم. رحل إلى بريطانيا ليدرس ويتعلم، لكنه حمل معه ثقل وطنه وثقافته.

وفي المملكة المتحدة، تحولت اللغة العربية بين يديه إلى أداة للحوار وفنا يتجاوز حدود الكلمات ليصبح وسيلة للتفاهم بين الشعوب.

 

على مدى أكثر من عقدين، أصبح نبيل الجبزي رمزا للمعرفة الثقافية واللغوية في السفارات البريطانية حول العالم العربي. ولقد كان مرشدا يعلم دبلوماسيي بريطانيا كيف يتنفسون العربية، ليس بالكلمات وحسب، بل من خلال فهم الرمزية التي تحملها هذه اللغة.

بل كان يعلمهم أن لكل كلمة قصة، وأن لغة العرب ليست مجرد وسيلة للتواصل، بل هي نافذة إلى عوالم شاسعة من المعاني التي تتجاوز الجمل إلى فترات التاريخ وصراعات السياسة ومفاهيم الهوية.

 

وقد أدرك الجبزي، منذ البداية، أن اللغة لا تُفهم إلا في سياقها الثقافي والاجتماعي. فقد ركز في تدريسه على تعليم طلابه الجوانب الرمزية والتفاصيل الدقيقة التي قد تلتبس على الأجانب، مثل تعقيدات تحية عربية بسيطة قد تحمل في طياتها معاني ودلالات كثيرة وفقا للسياق.

وكذلك التباين بين اللهجات العربية التي تحمل في كل لهجة نكهة فريدة من تاريخ وثقافة المنطقة.

 

بل ولم يقتصر دور رفيقي التاريخى نبيل على تدريس اللغة فحسب، بل كان له دور كبير في فهم سياسات الشرق الأوسط وعلاقاته الدولية من خلال الكلمات التي كان يشرحها.

كذلك كان يعرض لهؤلاء الدبلوماسيين كيف يتحدثون بالعربية، وكيف يختارون الكلمات المناسبة بعناية ليتجنبوا أي تصادم ثقافي أو لغوي.

كما كان يعلمهم أن المفاوضات في الشرق ليست مجرد محادثات رسمية، بل هي فنٌ من الحوار الحذر المدروس.

على فكرة قبل شهر حصل على امتياز في الماجستير

في جامعة الملك لندن

كان عنوان الدراسة جودة التعليم في الجامعات، الأكاديمية العسكرية نموذجا.

ولقد منح نبيل عوض الجبزي العالم العربي، في شكل كلمات، فرصة جديدة ليتعرف عليه الآخرون عن كثب.

ولذلك هو ليس مجرد جندي مجهول خلف الستار، بل شخصية ذات تأثير عميق في صناعة السياسة الدولية بطريقة ناعمة ومؤثرة.!

و بفضل مجهوده، أصبحت بريطانيا أكثر قدرة على فهم مشاكل العالم العربي، وأرسلوا دبلوماسيين أكثر دقة وفهما لتلك الثقافة الغنية.

قبل قليل، أنهينا مكالمة هاتفية بالصوت والصورة، حتى دمعت عيني.

تحدثنا عن هموم اليمن وأحلامه الضائعة، عن آلام شعبه وتطلعاته .

فيما كانت الكلمات تنساب بحرقة، وبين كل جملة وأخرى، كان هناك شعور عميق بالوطن الذي لم ينسَ أصله، وكان نبيل الجبزي في قلبي يتجذر أكثر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى